تقرير عن الندوة العلمية الدولية
إعداد: ذ. عبد الصمد الخزروني
تجدون في الأسفل رابط الندوة على اليوتوب
” الإعلام والأخلاق في لحظات التحول “
نظمت اللجنة العلمية للمركز الدولي للقيم الإنسانية والتعاون الحضاري يوم الخميس 18 يناير 2024م ؛ ندوة دولية في موضوع: “الإعلام والأخلاق في لحظات التحول” جاءت هذه الندوة ضمن عدد من المبادرات والملتقيات التي أطلقها المركز، والتي تروم استمرار أداء رسالته وحرصه بالبحث في النقاشات الأخلاقية الكبرى مساهمة منه في نشر القيم والأخلاق الإنسانية والتعاون لبناء عالم يحترم هاته القيم ويقدرها ويتساكن في ضوئها. وجاءت هذه الندوة أيضا؛ توعية بأهمية الموضوع وراهنيته، وللإجابة عن عدد من التساؤلات منها:
- كيف تساهم وسائل الإعلام في تشكيل القيم والأخلاق؟
- هل يمكن الحديث عن إعلام أخلاقي؟
- هل تعرف المؤسسات الإعلامية فجوة بين القوانين والمواثيق وواقع الممارسة؟
- هل نعيش تضليلا إعلاميا غير مسبوق خاصة في زمن الحروب والأزمات؟
- هل تعرف شبكات التواصل الاجتماعي استقطابا إيديولوجيا؟ الحرب على السردية الفلسطينية أنموذجا؛
- هل يمكن أن يؤدي التحول الرقمي والتكنولوجي في وسائل الإعلام إلى تغيير في القيم المجتمعية والإنسانية؟
بمشاركة ثلة من المفكرين المتخصصين في الأخلاق والإعلام والاتصال، وهم: الدكتور جمال نصار أستاذ الفلسفة والأخلاق، باحث أول بمركز الجزيرة للدراسات سابقا من قطر. والأستاذ أحمد رمضان مدير عام مؤسسة مدى للرؤية الاستراتيجية، عضو اتحاد الصحافيين البريطانيين من تركيا. والدكتور نور الدين الميلادي أستاذ الإعلام والاتصال جامعة السلطان قابوس، مدير قسم الإعلام بجامعة قطر سابقا من سلطنة عمان. وأدار هذه الندوة الإعلامي ومقدم البرامج فاتح حبابه من تركيا.
بعد تقديم الأستاذ فاتح حبابة وترحيبه بالضيوف والمتابعين لأشغال الندوة – سواء من يتابع في غرفة زوم، أو عبر البث المباشر على منصات المركز- أعطى الكلمة للدكتور جمال نصار الذي استهل مداخلته بالحديث عن التحولات الكبيرة التي عاشتها عدد من الدول العربية، وتطرق للحديث عن الحرب الإسرائيلية على فلسطين عامة وعلى قطاع غزة بالخصوص، وأكد أن ما حدث في السابع من أكتوبر 2023م، هو تحول كبير في تاريخ العالم وليس في تاريخ فلسطين فقط، ثم انتقل بعد ذلك للحديث عن الأخلاق والإعلام وعن العلاقة التي تربط بينهما، موضحا أن للأخلاق دور مهم في كل عمل ومهنة، وما ينطبق على الفرد ينطبق أيضا على المجتمعات، وعلى المؤسسات الإعلامية واللجان الصحافية أيضا، فالأخلاق هي ميثاق شرف، أما الإعلام يضيف الدكتور فجعل العالم قرية واحدة، وذلك بجعل الحقائق ظاهرة واضحة لا تخفى على أحد، سواء الإعلام المرئي أو المقروء أو الإعلام الجديد ( وسائل التواصل الاجتماعي)، فقد أصبح الجميع يرى الجميع.
وفي ذات السياق ذكّر الدكتور نصار بمجموعة من القيم والمبادئ التي تشكل ميثاق عمل المؤسسات الإعلامية على اختلاف أنواعها، ومنها: الدقة والمصداقية والحيادية وعدم التمييز والتوازن والنزاهة.
وأخيرا ختم بعرض روايتين مختلفتين يعرفهما الإعلام في وقتنا الحالي؛ الأولى تتمثل في رواية عملية كاملة وواضحة وأخلاقية حتى في التعامل مع الأسرى، وهي رواية الإعلام الفلسطيني الصادرة من غزة خصوصا، والثانية تنقل رواية صهيونية مزيفة تستند على تزوير الحقائق وخداع الرأي العام، يخدمها في ذلك الإعلام الغربي وعلى رأسه إعلام بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
أما المداخلة الثانية فكانت للأستاذ أحمد رمضان عضو اتحاد الصحفيين البريطانيين، تناول فيها الحديث في البداية عن تاريخ وسائل الإعلام الكبرى التي تتبنى المدرسة الليبرالية، حيث تساءل: هل هي محايدة في نقلها للحقائق أم منحازة؟ فكان جوابه: أنها منحازة للمدرسة الليبرالية التي تؤمن بها، وأضاف الأستاذ رمضان؛ لكن وقوفنا عند “الموضوعية” هنا السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه بشدة، خاصة عندما يخوض هذا الإعلام الليبرالي معارك مصيرية تنتفي معها الحيادية بشكل كامل، ويكون في أحيان كثيرة مبرر الرقابة عاملا حاسما في عدم الحياد. لهذا السبب يؤكد الأستاذ رمضان أنه لابد من عرض الحقائق والتقارير التي تصلنا من هذه المؤسسات الإعلامية على محمل التمحيص والتدقيق، لأنها فقدت المصداقية والموضوعية.
ويخلص أخيرا إلى أنه ينبغي علينا حذف صفة العالمية عن هذه الوسائل الإعلامية، فلم تعد كذلك، وفي المقابل اقترح إبراز الوسائل الإعلامية العربية والإفريقية والشرقية، وفي نفس الوقت العمل على تقديم بدائل إعلامية حقيقية حتى ننهي الاحتكار الإعلامي الغربي ولا نعطي لهم أي حيّز على منصاتنا.
بينما كانت المداخلة الثالثة من تأطير الدكتور نور الدين الميلادي أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة السلطان قابوس، الذي تحدث عن حرب الروايات وأشار أنه لم تكن هذه الحرب الدائرة اليوم في غزة حربا على الرواية الفلسطينية فقط، بل هي حرب على “السردية الفلسطينية”، وأضاف أيضا؛ إن كانت وسائل الإعلام العربية أو الشرقية شكلت وعي الشعوب لعقود من الزمن، فإن ما يحدث الآن في غزة شكّل مفارقة عجيبة في الوعي الفردي والجمعي، مما دفع بالأوروبيين إلى الاستفاقة من الغفلة أمام هذا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والصحوة على وقائع فظيعة على مسمع ومرأى العالم.
وأعطى مثالا على ذلك بالمحاكمة التي وقعت في محكمة لاهاي، إذ كان من الملاحظ في اليوم الأول أن وسائل الإعلام الغربية تحاشت نقل أطوار المحاكمة والحديث عما قدمته جنوب إفريقيا من تهم لإسرائيل باعتبارها مجرمة حرب، ويمكن اعتبرها “محاكمة القرن”. وهذا مستغرب جدا لأنه نزول وسقوط مدوّ في السلم الأخلاقي، حسب تعبير الدكتور نور الدين، أما في اليوم الثاني من هذه المحاكمة، فهذه الشبكات الإعلامية نفسها ومعها الكثير من وسائل الإعلام الأخرى قامت على قدم وساق بنقل أجواء المحاكمة وإسماع صوت إسرائيل.
وخلص الدكتور في الأخير أن ما يحدث في الواقع وما هو مكتوب في الميثاق الإعلامي يعبر عن نفاق أخلاقي بامتياز. وقال بأننا نعيش اليوم تضليلا إعلاميا ممنهجا، وما السخرية التي تتلقاها هذه الوسائل الإعلامية من قبل متابعيها في بلدانها إلا دليل على التضليل الممنهج الذي تشارك فيه كثير من وسائل إعلام عربية. مما دفع بكثير من الفضلاء الأكاديميين إلى تأسيس منصات على التواصل الاجتماعي لتقديم الحقيقة ومواجهة هذا التضليل، فلابد إذا من إعادة النظر في مفهوم المهنية في الصحافة والإعلام.
بعد هذه المداخلات الثلاث تمّ فتح باب النقاش للحاضرين المتابعين من طرف مدير الندوة قصد المشاركة والتفاعل مع الأفكار المقدمة والمطروحة من خلال التساؤلات والاستفسارات والإضافات.
وفي ختام هذه الندوة الدولية العلمية جدّد مدير الندوة الإعلامي فاتح حبابه الشكر لجميع ضيوفه الكرام كل واحد باسمه، وكذلك توجّه بالشكر الجزيل للمتابعين والمتابعات على جميع المنصات المركز .